الجلسة الأولى: الاستدامة والابتكار في الأمن الغذائي
من المتوقع عالمياً ان يكون هناك تحولات كبيرة في الأنظمة الغذائية الصحية بحلول عام 2050. هذا التحول سيفرضه تضاعف أعداد البشر ومحدودية الغذاء التقليدي المتوفر، ويتوقع ان يتغير النظام الغذائي بزيادة كبيرة في الاستهلاك العالمي للعديد من الأغذية مثل الخضروات والفواكه واللحوم، وتقليل استهلاك الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات مثل اللحوم الحمراء والوجبات السريعة التحضير بأكثر من 50٪. فماذا سوف يأكل العالم في العقود القليلة المقبلة؟ توقع الخبراء في علوم التغذية انتشار ورؤية المزيد من الطحالب وغيرها من مصادر الغذاء البحرية التي ستصبح أكثر وفرة. أما البديل للنقص في اللحوم من المزرعة هي اللحوم المزروعة في المختبر (اللحوم النظيفة) وهي اخذه في الارتفاع بالفعل في الآونة الاخيرة. ويمكن أيضا ان تعوض العديد من الحشرات كميات مماثلة من البروتين الحيواني منعاً لنفاد البروتين بالنسبة لعدد السكان المتزايد، والذي من المتوقع أن يصل إلى 10 مليارات بحلول عام 2050.
إن نظامنا الغذائي العالمي هو في الواقع مساهم رئيسي في التلوث البيئي والتغير المناخي. وهو مسؤول تقريباً في ثلث انبعاثات الغازات الدفيئة (GHGs) في جميع أنحاء الكوكب. أخذين بعين الاعتبار جميع عمليات التصنيع والمعالجة والنقل لمدخلات ومخرجات هذا النظام المعقد بشكل كبير. ويشمل أيضا الانبعاثات، بما في ذلك الميثان الصادر عن تربية الحيوانات المجترة من أجل الغذاء سواء من اجل اللحوم او الالبان (الغازات الدفيئة أقوى 80 مرة من ثاني أكسيد الكربون). بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من العوامل الأخرى التي يجب الاعتراف بها، بما في ذلك الاستخدام غير المستدام للمياه، وإزالة الغابات، وتلوث الهواء والماء والنظم الإيكولوجية. لذلك لابد من الاستثمار في ممارسات زراعية بيئية مثل اعتماد (Global GAP, Saudi GAP)، واعتماد التقنية التي تهدف على أنتاج الأغذية من خلال الممارسات الصديقة للبيئة.
الجلسة الثانية: تقنيات المستقبل في الأمن الغذائي
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدث نقلة نوعية في الإنتاج الحيواني من خلال تحسين الثروة الحيوانية، والحد من التأثير البيئي، وزيادة الكفاءة الانتاجية للحيوانات. يستخدم الذكاء الاصطناعي حاليا لمراقبة سلوك الحيوان وصحته، وتحديد الأمراض مبكرًا، وتقديم الرعاية النوعية والهادفة للحيوانات. كما يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين برامج التغذية والتربية وتحسين تغذية الحيوانات وتقليل النفايات. يمكن أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير تقنيات جديدة للإنتاج الحيواني، مثل الروبوتات التي يمكنها حلب الأبقار أو جمع البيض من الدجاج. لكن لا يزال استخدام الذكاء الاصطناعي في الإنتاج الحيواني في مراحله الأولى، ولكن لديه القدرة على تحويل الصناعة وجعلها أكثر استدامة وكفاءة. يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير برامج تربية جديدة يمكنها تحسين مواصفات الحيوانات، مثل إنتاج الحليب أو جودة اللحوم عبر دراسات جينية معقدة للوصول لأفضل السلالات.
يشكل الأمن الغذائي في المملكة أهمية استثنائية، ان الاستهلاك العالمي للغذاء بزيادة وبالتالي المتوسط العالمي لإنتاج الغذاء للفرد آخذ في الازدياد، من المتوقع أن يتجاوز عدد سكان العالم 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على الغذاء ويضع المزيد من الضغط على الموارد المحدودة. وسيتأثر إنتاج الأغذية بشكل متزايد بتغير المناخ. والمناخ الصحراوي يميز المملكة ومعظم المنطقة المحيطة، حيث ان انتاجها من الغذاء لا يلبي حاجتها لتحقيق الأمن الغذائي لذلك تستورد من دول أخرى، التحديات الهامة هي التنافس المتزايد على الأراضي والطاقة والمياه، مع كون هذه الأخيرة مصدر قلق خاص لأن عددا من طبقات المياه الجوفية الرئيسية جدا سوف يستنفد بحلول عام 2025، وبالتالي، سوف تحتاج إلى التقليل في إنتاج المزيد من الغذاء. وفي الواقع ورغم محدودية مصادر الإنتاج الطبيعية إلا أن الإنتاجية تستمر في الزيادة، لذلك لابد من زيادة الاستثمار في البحث والتطوير في النظام الغذائي، ويمكن للاستثمار الرأسمالي المخطط مع التغير نحو التطور التكنولوجي، التغلب على هذه التحديات. على الرغم من أن التقدم المحرز في الحد من الجوع على مدى العقود الأخيرة كان كبيرا. وكان برنامج التحول الوطني 2020 الذي يأتي ضمن رؤية المملكة 2030، قد وضع جملة من المبادرات الهادفة إلى تحقيق أمن الموارد الحيوية في المملكة، محدداً المساهمة في تحقيق أمن غذائي شامل مستدام في المملكة كهدف إستراتيجي.
مستقبل الزراعة آخذ في التغير. يظهر مزارعون جدد يستخدمون تقنيات وممارسات مبتكرة لإنتاج الغذاء بشكل أكثر استدامة وكفاءة. يستخدم هؤلاء المزارعون الجدد الزراعة الدقيقة وتحليلات البيانات وتقنيات أخرى لتحسين عملياتهم وتقليل تأثيرها البيئي. كما أنهم يعتمدون ممارسات أكثر استدامة، مثل تناوب المحاصيل، والزراعة بدون حرث، لتحسين صحة التربة وتقليل استخدام المياه. ستكون مزارع المستقبل أكثر تنوعاً وتكاملاً. سيقوم المزارعون بزراعة مجموعة متنوعة من المحاصيل وتربية مجموعة متنوعة من الماشية، وسيعملون مع الشركات والمؤسسات الأخرى لإنشاء أنظمة غذائية أكثر استدامة ومرونة. ستكون هذه المزارع أكثر كفاءة وإنتاجية، وستكون قادرة على تلبية الطلب المتزايد على الغذاء و حماية البيئة.
الجلسة الثالثة: التنمية المستدامة وتحديات التغيرات المناخية
يعد الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أمرا بالغ الأهمية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري لكوكبنا. وتهدف رؤية ومبادرة سمو ولي العهد حفظه الله في السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر والمجتمع العالمي تحت سقف اتفاقية المناخ، إلى تجنب العالم أسوأ عواقب تغير المناخ، من خلال إزالة الكربون عبر قطاعات الطاقة والصناعة واستخدام الأراضي والنقل والبيئة. أطلقت المملكة مبادرة السعودية الخضراء في عام 2021، والتي من المقرر أن تتصدى لتحديات المناخ وتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2060.
اوضح سمو ولي العهد حفظه الله، أن مبادرة السعودية الخضراء ستوفر فرصا استثمارية ضخمة للقطاع الخاص، وفرص عمل نوعية للجيل القادم من القادة في المملكة، وعلاقات دولية معززة سيكون لها تأثير إيجابي على المنطقة والعالم". لذلك ستكون هناك حاجة إلى تمويل المناخ من خلال استثمارات واسعة النطاق للحد من الانبعاثات وتعزيز التكيف وبناء المرونة، مما يضع ضغطا هائلا على صانعي السياسات والشركات وهم يتطلعون إلى تحقيق أهداف طموحة لتحقيق الحياد الصفري والالتزامات البيئية والاجتماعية والحوكمة الأوسع نطاقا (ESG). ويعتبر تمويل المناخ في المملكة من خلال مشاريع بيئية عملاقة كمشروع (The Line) في نيوم كنموذج يحتذى به في الاعتماد على الطاقة المتجددة مع الحياد الصفري في الغازات الدفيئة.
يمكن تحقيق التنمية المستدامة على الرغم من تغير المناخ، ولتجنب آثاره السلبية على كمية ونوعية الإنتاج الزراعي، فيمكن القيام بتدابير مرنة لمواجهة وتخفيف تأثيره على الزراعة من خلال نهج الزراعة الذكية مناخيا (CSA): من خلال الزراعة القادرة على الصمود أمام تغير المناخ (CRA)، وتعزيز قدرتها على الصمود أمام تغير المناخ من أجل سبل العيش المستدامة، ويمكن تعريف الزراعة المرنة للمناخ بأنها "الزراعة التي تقلل من الفقر والجوع في مواجهة المناخ وتغيره، وتحسين الموارد التي يعتمد عليها للمستقبل.
تشهد صناعة الطاقة تقلبات غير مسبوقة في النوع والمصدر. والسبب الرئيس لهذه التقلبات الجيوسياسية والمخاوف المتعلقة بتغير المناخ وما يصاحبه من ضغط عالمي واهتمام متزايد لإزالة الكربون، هذه الجهود الدولية والإقليمية والوطنية أدت إلى تسريع في صناعة الطاقة عالميا من خلال التقدم التكنولوجي والابتكار، والتركيز على الطاقة البديلة المستدامة والمتجددة.
تلعب تقنيات الطاقة المتجددة دورا هاماً في تحقيق التنمية المستدامة للمجتمعات والحد من تقلبات المناخ وذلك من خلال الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتحسين أمن الطاقة وتوفير الوصول إلى الطاقة للمجتمعات التي كانت تفتقر إليها في السابق.
الجلسة الرابعة: حماية وتنمية الموارد الطبيعية والتنوع الحيوي
تمتلك المملكة العربية السعودية مناطق طبيعية كبيرة غير ملوثة ذات تنوع بيولوجي عالي، تبلغ مساحة المملكة العربية السعودية حوالي 1,969,000 كم2 مما يجعلها عاشر أكبر دولة تغطي 1.64٪ من مساحة اليابسة في العالم. تعكس نباتات المملكة العربية السعودية الموقع الجغرافي لشبه الجزيرة العربية بين إفريقيا وآسيا وأوروبا. هناك 2250 نوعا من النباتات المزهرة في المملكة العربية السعودية منها حوالي 246 نوعا مستوطنا إقليميا. حوالي 450 نوعا (18٪) من النباتات المزهرة لها فوائد مباشرة للبشر و45 نوعا (1.8٪) سامة. يستخدم حوالي 334 نوعا (13.4٪) في الطب الشعبي أو من المعروف أن لها قيمة طبية. يوجد في المملكة العربية السعودية 93 نوعا من الثدييات و432 نوعا من الطيور و9 أنواع من أسماك المياه العذبة و103 من الزواحف و7 من البرمائيات. وتشمل بعض التهديدات الرئيسية للتنوع البيولوجي ما يلي: تدمير الموائل وتجزئتها، والرعي الجائر، والصيد الجائر، والتغيرات في الممارسات الزراعية الحديثة المكثفة، والتلوث، والأنشطة الترفيهية، والتوسع في المناطق الحضرية.
تعتبر المياه واحدة من أهم المصادر الطبيعية ومن اهم مدخلات التنمية والاقتصاد والاستدامة، وأدى تفاقم التوسع الحضري والنمو السكاني إلى خلق تحديات كبيرة في سبيل تأمين موارد مائية كافية مع تحسين إدارتها وترشيد استهلاكها لمواجهة النقص، تواجه العديد من البلدان نقصا في المياه، ويزداد الطلب على المياه. ويرتبط نقص المياه وندرتها بالموقع الجغرافي وتغير المناخ والجفاف، وتجعل ندرة المياه المستقبل بائسا وسيء ويحتاج لقدرات مالية وفنية كبيرة لإيجاد الحلول المستدامة، مع مناهج وخطط جادة لإدارة استخدام المياه وإدارة توزيعها على المستوى الوطني والإقليمي. إن الاستخدام المستدام والفعال للمياه أمر بالغ الأهمية، والتوزيع غير المتكافئ للمياه في العالم يعني أنه مهم وبشكل خاص للبلدان التي تعاني من ندرة المياه.
إن مبادرة سمو ولي العهد حفظه الله في السعودية الخضراء ستؤدي إلى خلق بيئة أكثر اخضراراً واستدامة للأجيال القادمة، وأحد أهداف المبادرة العظيمة هي حماية ما يصل إلى 30% من أراضي المملكة وبحرها مع إنقاذ الأنواع المهددة بالانقراض. ومبادرة السعودية الخضراء أطلقت لمواجهة تحديات المناخ ومساعدة الدولة على تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2060. في المملكة العربية السعودية حوالي 17% من أراضيها هي محميات طبيعية وتحت الحماية، والتي تتضمن 15 منطقة محددة من المحميات الطبيعية الملكية والمحميات الطبيعية ومحميات العلا الطبيعية مع العديد من الأعمال والإنجازات في استعادة الحياة البرية وتنوعها الحيوي والمحافظة عليها.
المملكة العربية السعودية - الأحساء
21 - 23 ربيع ثاني 1445 هـ الموافق 5 - 7 نوفمبر 2023 م