المجلة العلمية لجامعة الملك فيصل
العلوم الأساسية والتطبيقية
المجلة العلمية لجامعة الملك فيصل / العلوم الإنسانية والإدارية
اسم الفاعل بين التنوين والإضافة في القرآن الكريمدراسة دلالية
(إسلام محمد عبد السلام)
الملخص
اسم الفاعل هو ما دل على الحدث والحدوث وفاعله، ويقصد بالحدث معنى المصدر، وبالحدوث ما يقابل الثبوت، فـ "قائم "مثلاً اسم فاعل يدل على القيام وهو الحدث، وعلى الحدوث أي التغيير، فالقيام ليس ملازماً لصاحبه، ويدل على ذات الفاعل أي صاحب القيام.
وبينه وبين الفعل المضارع شبه واضح من حيث المعنى والعمل، يقول سيبويه: "فإذا أردت فيه-اسم الفاعل-من المعنى ما أردت في يفعل كان نكرة منوناً، وذلك قولك: هذا ضاربٌ زيداً غداً، فمعناه وعمله مثل: هذا يضرب زيداً غداً، فإذا حدثت عن فعل في حين وقوعه غير منقطع كان كذلك. وتقول: هذا ضاربٌ عبدالله الساعة، فمعناه وعمله مثل: هذا يضرب زيداً الساعة. وكان زيدٌ ضارباً أباك فإنّما تُحدِّث أيضاً عن اتصال فعل في حال وقوعه، وكان موافقاً زيداً، فمعناه وعمله كقولك: كان يضرب أباك ويوافق زيداً، فهذا جرى مجرى الفعل المضارع في العمل والمعنى منوناً."
فإذا خرج الزمن إلى الماضي جعل اسم الفاعل بلا تنوين، مضافاً، ولا يعمل في رأي جمهور النحاة، وبمراجعة اسم الفاعل داخل السياق القرآني وضح اضطراب قواعد النحاة حيث أضيف اسم الفاعل إلى معموله مع دلالته على الاستقبال كقوله تعالى:61533; الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ61531; (البقرة: 46) و61533; رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ61531; (آل عمران: 9) و61533;كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ61531; (آل عمران: 185) وقد ذكر سيبويه وغيره أنّ العرب تفعل ذلك استخفافاً دون أن يتغير المعنى، وقد جاء اسم الفاعل منونا مع دلالته على الماضي، كقوله تعالى في سورة الكهف: 61533;وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ61531; (الكهف: 18)
وبقراءة تلك الآيات وغيرها وضح أنّ القرآن الكريم عمد إلى الإضافة في تلك الآيات وما شابهها، وإلى التنوين في الآيات التي اشتملت على اسم الفاعل منوناً، وكان لذلك دلالات مرتبطة بالسياق حيث جاءت الإضافة في مواضع تحتاج إلى ثبات واستمرارية واستقرار ويقين، وجاء التنوين في مواضع تشير إلى انقطاع الحدث وعدم تكراره وافتقاده إلى الثبات والاستمرارية، ومن نماذج ذلك:
* قال تعالى: 61533;إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلاَئِكَة كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ61531; (ص: 71-74)
* وقال تعالى:61533; وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ61531; (الحجر: 28 – 31)
قد ذكر الله سبحانه في هذه الآيات بدء خلق الإنسان، آدم-عليه السلام- من سلالة من طين، وهو أمر خاص بآدم عليه السلام، فهو حدثٌ انقطع، ولم يتكرر بعد تلك النشأة؛ لذلك عبّر القرآن باسم الفاعل العامل:61533; إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ61531;
و: 61533;إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ 61531;(الحجر: 28) لنشعر معه أنّ التنوين مقصود ليعطينا معاني الانقطاع وعدم استمرارية خلق البشر من سلالة من طين، وأنّ الأمر متعلق بآدم عليه السلام وحده، وأمّا سلالته فتأخذ طوراً آخر في النشأة.
فإذا تحدث القرآن عن خلق أشياء فيها معاني الاستمرارية جاء باسم الفاعل مضافاً قال تعالى:61533; ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ61531; (الأنعام: 102) وقال تعالى: 61533;قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ 61531; (الرعد: 16
المراجع