المجلة العلمية لجامعة الملك فيصل
العلوم الأساسية والتطبيقية

En

المجلة العلمية لجامعة الملك فيصل / العلوم الإنسانية والإدارية

تقديم: الموهبة والإبداع والتميز

(محمد عبدالعزيز العوهلي)

الملخص

العناية بفئة الموهوبين أولية تضعها الأمم في طليعة اهتماماتها، إلا أن العمل على توفير برامج أكاديمية، ومراكز منهجية للطلبة الموهوبين لم يوجد بصورة منتظمة إلا مع أوائل القرن العشرين الميلادي في الدول المتقدمة في ظل التنافس بين الشعوب، ولقد حرصت الحكومة الرشيدة في المملكة العربية السعودية على دعم التنمية المستدامة تحقيقًا لرؤية المملكة 2030 ضمن محور "اقتصاد مزدهر.... فرصة مثمرة"، والذي يتضمن توفير تعليم يسهم في دفع عجلة التنمية بشكل يتماشى مع أهداف ومتطلبات التنمية، ومتطلبات التحول المعرفي، في ظل التوجيهات الرشيدة لمقام خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين –حفظهما الله-، وذلك سعيًا لتوفير وتهيئة البيئة التنافسية، وتحفيز الإبداع والابتكار في بلادنا الغالية؛ لتتبوأ المكانة التي تستحقها بين بلدان العالم.
وتماشيًا مع هذه التوجيهات السامية، وإيمانًا من جامعة الملك فيصل بدورها الريادي في خدمة المجتمع بكل أطيافه، وحرصًا منها على تقديم وتطوير كل برنامج يهدف لنشر ثقافة الموهبة والإبداع في المملكة العربية السعودية، عملت الجامعة على إطلاق أول مركز وطني متخصص لأبحاث الموهبة والإبداع، وها هو ذا يصل المركز بفضل الله إلى سنته العاشرة مساهمًا بفعالية في تطوير المواهب، وإحداث التغيير الإيجابي في مجال تربية الموهوبين في البيئة السعودية والإقليمية، وذلك من خلال إطلاق عدد من البرامج الأكاديمية الريادية بالتعاون مع كلية التربية، وعدد من المشاريع البحثية النوعية، سواء كان بشكل انفرادي أم مع الهيئات المحلية والعالمية، إلى جانب إطلاق الملتقيات العلمية والأيام المفتوحة، والمحاضرات والورش التدريبية، والمشاركة بالأنشطة والفعاليات التوعوية في مجال الموهبة والإبداع، وتأتي أهمية ذلك من أهمية الفئة المستهدفة "الموهوبين". فالجامعة بذلك تسهم في دعم مسيرة التغيير المجتمعي الإيجابي، وتطوير المواهب والكفاءات محليًّا على مستوى المملكة العربية السعودية، وإقليميًّا على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية.
إن صناعة الموهبة والإبداع واستزراع التفكير الإبداعي في مؤسساتنا الجامعية هو خيار استراتيجي لا محيص عنه، خاصة في ظل التنافسية العالية، وفي ظل الاهتمام والدعم غير المحدود من قبل القيادة الجليلة، وانطلاقًا من الدور المهم الذي يؤمل أن يسهم فيه هذا المركز بكل جدارة واقتدار بإذن الله تعالى، في أن تتجسد أعماله ومنتجاته لتمثل ثقافة متأصلة ومتجذرة أكاديميًّا وبحثيًّا واجتماعيًّا، وممارسة واقعية وسلوكا حياتيًّا، فينضوي ذلك كله ليصبح تربية مجتمعية ممتدة في حياة أفراد المجتمع منذ طفولته وحتى شيخوخته.
إن الوصول بمؤسساتنا الجامعية لتصبح حقا أدوات تمكين لبناء الإنسان وازدهار المجتمع يستلزم جهودًا إبداعية خلاقة توفر من خلالها بيئات تعليمية محفزة؛ تصقل الموهبة، وترعى الإبداع، وتنتج الابتكار، فلا بد لمؤسساتنا التعليمية أن تستزرع ثقافة التفكير الإبداعي في تسيير جميع شؤونها، وبين جميع منسوبيها، فالإبداع والابتكار لا يمكن أن يكون حكرًا على المبدعين والموهوبين فقط.
ونظرًا لأهمية التطوير في مجال الموهبة والإبداع، ولتوفر الإمكانات البشرية والإدارية والتسهيلات، وتوافر عدد كبير من الكفاءات والخبرات المتميزة في هذا المجال؛ استطاعت جامعة الملك فيصل أن يكون لها الدور الريادي في الانتقال من الرعاية إلى التمكين في مجال الموهوبين، ومن برامج المسؤولية الاجتماعية إلى برامج المسؤولية المهنية؛ بحيث تكون رعاية وتنمية واستثمار الموهوبين والمبتكرين جزءًا من هوية استراتيجية الجامعة ومسؤولياتها الأساسية، ورافدًا من روافد تميزها.
وعليه بنيت عدد من برامج الدراسات العليا الفردية في هذا المجال، وعلى رأسها برنامج الدكتوراه في تربية الموهوبين، ضمن حزمة نوعية من البرامج الإبداعية التي تدعم هوية الجامعة وتوجهاتها الريادية. وما هذه الإنجازات إلا شواهد على ما تلقاه مشروعات الجامعة من دعم ورعاية من لدن القيادة الرشيدة أيدها الله، وما تقدمه الجهات المعنية بالموهبة والإبداع والابتكار من جهود كبيرة مقدرة.
وقد بادرت جامعة الملك فيصل لتوثيق أسبوع الموهبة الخليجي، ذلك الحدث النوعي المهم لعام 2019، والاحتفاء بهذا الإنجاز بإصدار المجلة العلمية لجامعة الملك فيصل عددًا خاصًّا تحت عنوان "الموهبة والإبداع والتميز"، وذلك تأكيدًا لمكانة دعم المواهب وإنمائها محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا.
ويتضمن العدد أبحاثًا لعدد من الباحثين، وأعضاء هيئة التدريس في التخصصات الأكاديمية المرتبطة بالموهبة والإبداع والابتكار، ويأتي ذلك في إطار تأكيد كون جامعة الملك فيصل بمثابة بيت الخبرة الوطني والإقليمي لهذا المجال المهم والحيوي؛ لتعزيز التنمية المستدامة التي تنص عليها رؤية المملكة 2030، ودعم خلق الفرص التنموية الخلاقة لأبناء وبنات هذا الوطن المعطاء؛ إذ يعكس هذا الإصدار حرص إدارة الجامعة بجميع قطاعاتها البحثية والتعليمية والخدمية على إبراز مجال الموهبة، ومنظومة الموهبة والإبداع الجامعية التي يقودها المركز الوطني لأبحاث الموهبة والإبداع. كما تأتي هذه الجهود متوافقة مع التوجيهات الكريمة لقيادتنا التي بوركت وكُللت بالرعاية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو أمير المنطقة الشرقية، وسمو نائبه، وسمو محافظ الأحساء؛ -حفظهم الله-، كما حظيت بالدعم والمساندة من معالي وزير التعليم ومعالي نائبه للجامعات والبحث والابتكار،  وإني لأثمن جهود وكالة الدراسات العليا والبحث العلمي بالجامعة في تفعيل دورها لإبراز المكانة العلمية في هذا المجال، كما أثمن حرص هيئة تحرير المجلة العلمية للجامعة، والباحثين المشاركين، على توثيق هذا الحدث المهم من خلال تسخير إمكانات المجلة البشرية والمادية لإصدار هذا العدد الخاص بمعايير دولية محتوى ومضمونًا.


PDF

المراجع

لاتوجد مراجع